سمعت من فيروز نقلاً عن نزار قباني

سمعت من فيروز نقلاً عن نزار قباني قوله:

لا تسألوني ما اسمه حبيبي

أخشى عليكم ضوعة الطيوب

والله لو بُحت بأي حرف

تكدس ألليلك في الدروب

وأنا اليوم، سأبوح لكم باسم حبيبي، دون أن تسألوني، ولن أخش عليكم لا من ضوعة الطيوب، ولا من تكدس ألليلك !، فزبالتها متكدسة كالعادة في دروبها و حاراتها، والحفر والأتربة والفوضى منتشرة في كل شريان فيها !، ورغم ذلك أحبها !، أحبها وأحبها، بقديمها و جديدها، بعلمائها وجهلتها، بصروحها المنتجة ومقاهيها الكسولة، ” بقويقها ” الخجول، بطربها وطعامها، وبالخلاصة أحبها ” بعَجَرها وبَجَرها ” وكل حجر أو بشر فيها.

هي حبي الكبير منذ الصغر، يشعر به من يعرفني عن قرب. وهي سري الصغير الذي كنت لا أفشيه، فحبيبتي هذه هي سر أسرار تواضعي، نعم، لأنها هي من علمتني التواضع، ففي رهبة وعظمة المكان والزمان، بقلعتها وأسواقها وحواريها القديمة، أرى نفسي صغيراً جداً بعمرها وجلالها، أتساءل وفي كل زيارة لها : يا أفريم أيها المتكبر !، كم من مليون ” مسطرة ” مثلك أو حتى أعلى منك شأناً بكثير، وأشد منك جبروتاً وقوة، عاينتها هذه الحجارة من قبلك ؟!، كلهم غاروا، انهزموا، انقرضوا، وبقيت هي بمكانها أبداً تتفاخر ومنذ مئات وآلاف السنين. وهكذا أعود إلى رشدي وتواضعي في محراب عشقي وصلاتي . واليوم، أعلن وعلى الملأ اسم حبيبتي … إنها الشهباء حلب.

لحبيبتي الشهباء أغزل كلماتي المتواضعة هذه بعنوان ( حبيبة من حجارة ) :

حجارتها العتيقة

علمتني … ألاّ أتكـبـَّر

غاب عنها … قـبلي

آلاف … من الفصول

و ملايين … من بشر

عتيقة … كالكلمة

كالماء والسماء

دحرت العاتيات

وبقيت أبداً … تـتـفاخر

مهما كـَبـِرتُ فيها عمراً

أبقى رضيعاً

بعمرها … وأصْغـَر

طيف عابر كغيري

طائر غائر في

الأفق … ولا أكثر

حبيبتي … حلب

يا جسداً من حجر

وقلباً من بشر

لن أقوى أن أتجبر

في حضرتك

لا …. ولا أن أتكبر

ما أنا إلا قطرة مداد

في حضرة التاريخ

ودفاتر … الحجر

ضميني عاشقاً بمحرابك

واجعليني يوماً … نقشاً

على شاهدة من حجارتك

واكتبي …

هنا رقد من أحـبـني

والآن … حُقَ له

أن … يـتـكـبَّر